فصل: باب ما جاء في صفة جهنم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الاستذكار لمذاهب علماء الأمصار فيما تضمنه الموطأ من معاني الرأي والآثار ***


باب ما جاء في الغيبة

1855- مالك عن الوليد بن عبد الله بن عبد الله بن صياد أن المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي أخبره أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الغيبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تذكر من المرء ما يكره أن يسمع قال يا رسول الله وإن كان حقا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قلت باطلا فذلك البهتان قال أبو عمر هكذا قال يحيى بن حويطب وإنما هو بن حنطب كذلك قال فيه جماعة من رواة الموطأ وكذلك هو عند سائر العلماء وهو المطلب بن عبد الله بن حويطب المخزومي تابعي مدني ثقة إلا أن عامة أحاديثه مراسيل ويرسل أيضا عن من يلقه من الصحابة وقيل إن سماعة من جابر صحيح ومن عائشة على اختلاف‏.‏

وأما أبو هريرة وبن عمر وأبو موسى وأم سلمة وأبو قتادة فلم يسمع منهم في ما يقولون عنهم وهو يرسل عنهم‏.‏

وأما الوليد بن عبد الله بن صياد فلا أعلم أحدا روى عنه غير مالك وحديثه هذا في الغيبة محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رواه عنه شعبة والدراوردي وبن عيينة وغيرهم حدثني يونس بن عبد الله قال حدثني محمد بن معاوية قال حدثني جعفر بن محمد الفريابي قال حدثني محمد بن المثنى قال حدثني محمد بن جعفر قال حدثني شعبة قال سمعت العلاء بن عبد الرحمن يحدث عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتدرون ما الغيبة قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكر أخاك بما يكره قال أرأيت إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته قال أبو عمر هذا الحديث مخرج في التفسير في المسند في قول الله عز وجل ‏(‏ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا‏)‏ ‏[‏الحجرات 12‏]‏‏.‏

ويقتضي معنى الغيبة ومعنى البهتان وإن كان البهتان عندهم المواجهة بالقبيح وروي عن الحسن البصري أن رجلا سأله فقال له يا أبا سعيد إني اغتبت فلانا وإني أريد أن أستحله فقال أما يكفيك أن اغتبته حتى تريد أن تبهته وقال محمد بن سيرين ظلم لأخيك المسلم أن تقول أسوأ ما تعلم فيه حدثني عبد الله قال حدثني محمد قال حدثني أبو داود قال حدثني محمد بن عوف قال حدثني أبو اليمان قال حدثني بن أبي حسين قال حدثني نوفل بن مساحق عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن من أربى الربى الاستطالة في عرض المسلم بغير حق حدثني خلف بن قاسم قال حدثني أحمد بن أسامة بن عبد الرحمن بن أبي السمح قال حدثني أبي قال حدثني هارون بن سعيد قال حدثني عبد الله بن وهب قال حدثني عبد الرحمن بن زيد قال محمد بن المنكدر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم يخرج من هذا البيت فمر برجلين أعرفهما وأعرف أنسابهما فقال عليكم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين قلت فما ذنبهما قال ذنبهما أنهما يأكلان لحوم الناس قال أبو عمر يصحح هذا قوله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت‏.‏

وحدثني عبد الرحمن بن يحيى قال حدثني علي بن محمد قال حدثني أحمد بن داود قال حدثني سحنون قال حدثني بن وهب عن بن لهيعة قال أخبرني سليمان بن كيسان قال كان عمر بن عبد العزيز إذا ذكر عنده رجل بفضل أو صلاح قال كيف هو عنده إذا ذكر إخوانه فإن قالوا إنه ينتقصهم وينال منهم قال عمر ليس هو كما يقولون وإن قالوا إنه يذكر منهم جميلا وخيرا ويحسن الثناء عليهم قال هو كما تقولون إن شاء الله وعن عمر بن الخطاب قال من أدى الأمانة وكف عن أعراض المسلمين فهو الرجل فقد استثنى من هذا الباب من لا غيبة فيه من الفساق المعلنين المجاهرين وأهل البدع المضلين وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له وقد روي عنه عليه السلام أنه قال المجالس بالأمانة إلا مجلس سفك فيه دم حرام أو فرج حرام أو مال بغير حقه وقال معاوية ما بقي من العبادة إلا الوقعة في أهل الريبة لأنهم ليس لهم غيبة وأصل هذا كله قوله صلى الله عليه وسلم في الأحمق المطاع عيينة بن الحصين الفزاري بئس بن العشيرة قال أبو عمر لقد أحسن الشاعر في قوله‏:‏

وأخلاق ذي الفضل معروفة *** ببذل الجميل وكف الأذى

وقال آخر‏:‏

احذر الغيبة فهي ال *** فسق لا رخصة فيه

إنما المغتاب كالآكل *** من لحم أخيه

وقد زدنا هذا المعنى بيانا في كتاب التمهيد وقد أفردنا للغيبة بابا كاملا أوردنا فيه ما جاء عن الحكماء والعلماء والشعراء من النظم والنثر في كتابنا كتاب بهجة المجالس وأنس المجالس والحمد لله كثيرا‏.‏

باب ما جاء فيما يخاف من اللسان

1856- مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة فقال رجل يا رسول الله لا تخبرنا فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مثل مقالته الأولى فقال له الرجل لا تخبرنا يا رسول الله فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك أيضا فقال الرجل لا تخبرنا يا رسول الله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك أيضا ثم ذهب الرجل يقول مثل مقالته الأولى فأسكته رجل إلى جنبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة ما بين لحييه وما بين رجليه ما بين لحييه وما بين رجليه ما بين لحييه وما بين رجليه قال أبو عمر هكذا قال يحيى في هذا الحديث عن مالك لا تخبرنا على لفظ النهي ثلاث مرات فأعاد الكلام أربع مرات وتابعه بن القاسم وطائفة من رواة الموطأ على قوله لا تخبرنا على النهي إلا أن إعادة الكلام عند بن القاسم ثلاث مرات وقال القعنبي فيه ألا تخبرنا على لفظ العرض والإغراء والحث وأعاد الكلام ثلاث مرات وكلهم قال فيه ما بين لحييه وما بين رجليه ثلاث مرات وما أظن تكرير الكلام في رواية من رواه على لفظ النهي إلا حرصا من القائل أن يستخرج ذلك المبهم الذي أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله من وقاه الله شر اثنين ولم يذكرهما ولو شاء لقال من وقاه الله شر لسانه وفرجه ولكنه لما أبهم ذلك وأجمله أراد القائل بقوله لا تخبرنا بأيهما فقلنا نذكرهما أو نعلمهما بعضنا أو نحو هذا والله أعلم‏.‏

وأما من رواه ألا تخبرنا يا رسول الله فيدل أيضا على أنه لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم إخبارهم بها ليعلم كيف فهمهم لها وهو معنى متقارب وإن اختلف اللفظ فيه وليس عند بن بكير هذا الحديث في شيء من الموطأ ولا عنده من الأربعة الأبواب إلا باب واحد ترجمته باب ما يكره من الكلام أورد فيه الأحاديث المذكورة في هذه الأبواب الأربعة إلا هذا الحديث فإنه ليس عنده ولم يختلف على مالك في إرسال هذا الحديث وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم معناه من وجوه من حديث سهل بن سعد ومن حديث أبي موسى ومن حديث أبي هريرة ومن حديث جابر رواه معقل بن عبيد الله عن عمرو بن دينار عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنت له الجنة وحديث سهل بن سعد رواه عمر بن علي المقدمي عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من يتكفل لي بما بين رجليه وما بين لحييه أضمن له الجنة ورواه محمد بن عجلان عن أبي حازم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من وقاه الله شر اثنين دخل الجنة شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه وقد ذكرت أسانيد هذه الأحاديث كلها في التمهيد وفي هذا الحديث دليل على أن أكبر الكبائر وإنما هي من الفم والفرج وما بين اللحيين الفم وما بين الرجلين الفرج ومن الفم ما يتولد من اللسان وهو كلمة الكفر وقذف المحصنات وأخذ أعراض المسلمين ومن الفم أيضا شرب الخمر وأكل الربا وأكل مال اليتيم ظلما ومن الفرج الزنى واللواط ومن اتقى ما يأتي من اللسان والفرج فأحرى أن يتقي القتل والله أعلم والكبائر كثيرة إلا أن الذي يعتمد عليه فيها ما جاء منصوصا عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو المبين عن الله تعالى مراده من قوله تعالى ذكره ‏(‏إن تجتنبوا كبآئر ما تنهون عنه‏)‏ النساء فمن ذلك حديث بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أكبر الكبائر أن تجعل لله ندا وهو خلقك وأن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك وأن تزاني حليلة جارك وقد روي عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أكبر الكبائر الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ومنها حديث بن عمر أنه سئل عن الكبائر فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هن تسع الشرك بالله وقذف المحصنات وقتل النفس المؤمنة والفرار من الزحف والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين والإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا وحديث عبد الله بن عمرو بن العاصي روي عنه من وجوه عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعضها زيادة ألفاظ على بعض ويجمعها كلها الكبائر الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله وشرب الخمر وعقوق الوالدين واليمين الغموس التي يقتطع بها حق مال امرئ مسلم وهو كاذب وفي بعضها عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ومن الكبائر أن يسب الرجل والديه يعني يتسبب لهما وهذا عندي داخل في عقوقهما وحديث أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه قتل النفس وشهادة الزور والشرك وعقوق الوالدين وحديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه لم يذكر شهادة الزور وحديث عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم يذكر فيه الزنى والسرقة وشرب الخمر ثم قال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قالوا بلى قال شهادة الزور وحديث خريم بن فاتك قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح يوما فلما انصرف قام قائما فقال عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله ثم تلا ‏(‏فاجتنبوا الرجس من الأوثن واجتنبوا قول الزور‏)‏ ‏[‏الحج 30‏]‏‏.‏

وروى وائل بن ربيعة عن بن مسعود أنه سمعه يقول عدلت شهادة الزور بالشرك بالله ثم قرأ ‏(‏فاجتنبوا الرجس من الأوثن واجتنبوا قول الزور‏)‏ وروى محارب بن دثار عن بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول شاهد الزور لا تزول قدماه حتى تجب له النار وفي حديث بن عمر وبن مسعود وبن عباس وحديث أبي أيوب الأنصاري وحديث عبد الله بن أنس فيها كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم الفرار من الزحف وفي حديث أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنع بن السبيل يعني ما يرد رمقه ويحبس عليه نفسه من جوع أو عطش وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الكبائر أنها السبع الموبقات الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق والزنى وأكل الربا وأكل مال اليتيم وشهادة الزور وقذف المحصنات وأجمع العلماء المسلمين أن الجور في الحكم من الكبائر للوعيد الوارد فيه قال الله عز وجل ‏(‏وأما القسطون فكانوا لجهنم حطبا‏)‏ ‏[‏الجن 15‏]‏‏.‏

والقاسط الجائر والمقسط العادل وقال الله عز وجل ‏(‏ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولئك هم الكفرون‏)‏ ‏[‏المائدة 44‏]‏‏.‏

يعني أهل الكتاب ثم قال ‏(‏فأولئك هم الفسقون‏)‏ ‏[‏المائدة 47‏]‏‏.‏

‏(‏فأولئك هم الظلمون‏)‏ ‏[‏المائدة 45‏]‏‏.‏

والأحاديث في الإمام الجائر كثيرة والوعيد فيها شديد وروي عن بن عباس أن الإضرار في الوصية من الكبائر وذلك -والله أعلم- لأن الوعيد أتى منوطا بذكر ذلك في القرآن قال الله عز وجل ‏(‏غير مضار وصية من الله والله عليم حليم تلك حدود الله‏)‏ ‏[‏النساء 12‏]‏‏.‏

ثم الوعيد الوعيد بإثر ذلك في من تعدى حدود الله ومنهم من يرفع حديث بن عباس في الإضرار بالوصية إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكرت أسانيد هذه الأحاديث كلها في التمهيد والحمد لله وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من مرسل الحسن وغيره إن أكبر الكبائر أن تقاتل أهل صفقتك وتبدد سنتك وتفارق أمتك فسره أبو عبيد بأن قال يعاهده ثم يغدره فيقتله أو يقاتله أو يرجع أعرابيا بعد هجرته أو يلحق بالمشركين وتجتمع من هذه الأحاديث كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن كتاب الله تعالى عدد الكبائر سبع عشرة كبيرة وذلك أتم وأعم من حديث هذا الباب فيما بين لحييه ورجليه لقول الله عز وجل ‏(‏إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئائكم وندخلكم مدخلا كريما‏)‏ ‏[‏النساء 31‏]‏‏.‏

والمدخل الكريم الجنة ومن هذا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنت له الجنة‏.‏

1857- مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب دخل على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه فقال له عمر مه غفر الله لك فقال أبو بكر إن هذا أوردني الموارد قال أبو عمر إذا كان أبو بكر - وموضعه من الدين والفضل والسابقة أعلى المواضع - يخاف من لسانه ويقول إنه يورده موارد يخشى منها على نفسه فما ظنك بغيره وعلى قدر علم الإنسان يكون خوفه ووجله وإشفاقه ‏(‏إنما يخشى الله من عباده العلمؤا‏)‏ ‏[‏فاطر 28‏]‏‏.‏

‏(‏ولمن خاف مقام ربه جنتان‏)‏ ‏[‏الرحمن 46‏]‏‏.‏

روينا عن بن مسعود أنه قال المؤمن يرى ذنوبه كأنه جالس تحت جبل يخاف أن يقع عليه فيدق عنقه والفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على الفم فصرفه بيده وروينا عن أسد بن موسى عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل أنه قال يا رسول الله أي الأعمال أفضل فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لسانه ووضع عليه أصبعه فاسترجع معاذ وقال يا رسول الله نؤاخذ بما نقول كله ويكتب علينا قال فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم منكب معاذ وقال ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم وقد روى الدراوردي خبر مالك هذا عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر عن أبي بكر مثله وزاد فيه ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو اللسان إلى الله تعالى وهذا اللفظ قد روي معناه عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه حدثنا خلف بن قاسم حدثنا يعقوب بن المبارك حدثنا إسحاق بن أحمد البغدادي حدثنا يعقوب بن إبراهيم المروزي حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا حماد بن زيد عن أبي الصهباء عن سعيد بن جبير عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اتق الله فينا فإنك إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا ومن حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من صمت نجا قال عبد الله بن مسعود أكثر الناس ذنوبا يوم القيامة أكثرهم خوضا في الباطل وروينا عن سلمان الفارسي وعبد الله بن مسعود أنهما قالا ما شيء أحق بطول سبحان الله من لسان وقد ذكرنا الأسانيد بذلك في التمهيد ولقد أحسن امرؤ القيس في قوله‏:‏

إذا المرء لم يخزن عليه لسانه *** فليس على شيء سواه بحازن

وقال الشاعر امرؤ القيس‏:‏

رأيت اللسان على أهله *** إذا ساسه الجهل ليثا مغيرا وقال منصور الفقيه ‏(‏خرس إذا سألوا وإن‏.‏‏.‏‏.‏ قالوا عيي أو جبان

فالعي ليس بقاتل‏.‏‏.‏‏.‏ ولربما قتل اللسان‏)‏ وقد أفردنا لهذا المعنى بابا تقصينا فيه ما للحكماء والشعراء ومن النظم والنثر في كتاب بهجة المجالس والحمد لله وذكرنا في التمهيد حديث أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اكفلوا لي ست خصال أكفل لكم الجنة من حدث فلا يكذب ومن وعد فلا يخلف ومن اؤتمن فلا يخن املكوا ألسنتكم وكفوا أيديكم واحفظوا فروجكم وهذا الحديث من أحسن ما جاء في معنى هذا الباب والحمد لله‏.‏

باب ما جاء في مناجاة اثنين دون واحد

1858- مالك عن عبد الله بن دينار قال كنت أنا وعبد الله بن عمر عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق فجاء رجل يريد أن يناجيه وليس مع عبد الله بن عمر أحد غيري وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه فدعا عبد الله بن عمر رجلا آخر حتى كنا أربعة فقال لي وللرجل الذي دعاه استأخرا شيئا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يتناجى اثنان دون واحد قال أبو عمر معنى قوله استأخرا شيئا أي تأخرا‏.‏

1859- مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد قال أبو عمر هكذا يجب على كل من علم شيئا أن يعمل به ويستعمله ألا ترى اجتهاد بن عمر في استعمال ما روي حتى دعا الرجل الرابع ليقف عندما سمع ورحم الله الشعبي حيث يقول كنا نستعين على حفظ الحديث بالعمل به والمعنى في هذا الحديث قد بان في حديث بن مسعود لأن ذلك يحزن الثالث المنفرد‏.‏

وأما حديث بن عمر فليس فيه فإن ذلك يحزنه لا من رواية نافع ولا من رواية عبد الله بن دينار وقد رواه عن نافع أيوب وعبيد الله بن عمر كما رواه مالك وكذلك رواه أبو صالح السمان عن بن عمر وكذلك رواه القاسم بن محمد عن بن عمر ليس في حديث واحد منهم فإن ذلك يحزنه وإنما هو في حديث بن مسعود حدثنا أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن حدثنا محمد بن معاوية بن عبد الرحمن حدثنا جعفر بن محمد المستعاض قال حدثنا منجاب بن الحارث قال حدثنا بن مسهر عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر فإن ذلك يحزنه حدثنا أحمد بن قاسم حدثنا محمد بن معاوية حدثنا جعفر بن محمد الفريابي حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير وأبو الأحوص عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الآخر حتى يختلطوا بالناس إن ذلك يحزنه‏.‏

وحدثنا أحمد بن محمد حدثنا جعفر حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث فإن ذلك يحزنه‏.‏

وحدثنا أحمد بن قاسم حدثنا محمد بن معاوية حدثنا جعفر بن محمد الفريابي حدثنا أبو كامل قال حدثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث فقلنا لابن عمر فإن كانوا أربعة قال لا بأس بذلك قال أبو عمر ظاهر الأحاديث يدل على النهي إنما ورد في ثلاثة أن لا يتناجى منهم اثنان دون الثالث‏.‏

وأما إذا كثر الناس فلا بأس أن يتناجى منهم اثنان وأكثر وقد روى يزيد بن هارون قال أخبرنا شريك عن منصور عن أبي حازم عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه ويسوؤه حتى تختلطوا بالناس وهذا حديث حسن وفيه عن بن عمر من قوله فإن ذلك يحزنه ما ليس في غيره عنه وقد قيل إن ذلك إنما يكره في السفر وحيث لا يعرف المتناجيان ولا يوثق ويخشى الغدر منهما وحجة من قال ذلك ما حدثنا أحمد بن قاسم حدثنا محمد بن معاوية حدثنا عثمان بن سعيد عن بن لهيعة‏.‏

وحدثنا الفريابي حدثنا محمد بن مصفى قال حدثنا عثمان بن سعيد عن بن لهيعة‏.‏

وحدثنا أحمد حدثنا محمد حدثنا جعفر الفريابي حدثني بن لهيعة قال أخبرنا بن هبيرة عن أبي سالم الجيشاني واسمه سفيان بن هانئ عن عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة أن يتناجى اثنان دون صاحبهما قال أبو عمر قد استعمل بن عمر هذا الحديث في السوق بالمدينة على ما حكى عبد الله بن دينار ولا أراه سمع حديث السفر وسمع الحديث دون ذلك فحمله على عمومه وظاهره والله أعلم‏.‏

باب ما جاء في الصدق والكذب

1860- مالك عن صفوان بن سليم أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أكذب امرأتي يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا خير في الكذب فقال الرجل يا رسول الله ‏!‏ أعدها وأقول لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا جناح عليك قال أبو عمر لا أعلم هذا الحديث بهذا اللفظ يستند إلى النبي صلى الله عليه وسلم من وجه من الوجوه وقد رواه سفيان بن عيينة عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار حدثنا محمد بن إبراهيم حدثنا أحمد بن مطرف حدثنا سعيد بن عثمان حدثنا إسحاق بن إسماعيل الأيلي قال حدثنا سفيان بن عيينة عن صفوان عن سليم عن عطاء بن يسار قال قال رجل يا رسول الله هل علي جناح أن أكذب امرأتي قال لا يحب الله الكذب فقال يا رسول الله استصلحها وأستطيب نفسها فقال لا جناح عليك قال بن عيينة‏.‏

وأخبرني بن أبي حسين قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلح الكذب إلا في ثلاث يصلح الرجل بين اثنين والحرب خدعة والرجل يستصلح امرأته قال أبو عمر إذا كان للرجل أن يكذب في الإصلاح بين اثنين فإصلاحه بينه وبين امرأته أولى بذلك ما لم يقصد بذلك ظلما وكذلك غير امرأته من صديق قد آخاه في الله يخشى فساده وأن يحرم الانتفاع به في دينه وماله وقد روى شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل الكذب يكتب على بن آدم إلا ثلاثا كذب الرجل امرأته ليرضيها ورجل كذب ليصلح بين اثنين ورجل كذب في خديعة الحرب قال أبو عمر حسبك في هذا الباب بحديث بن شهاب وقد رواه مالك ومعمر وشعيب وعقيل وغيرهم عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أمه أم كلثوم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس بالكذاب من قال خيرا ليصلح بين الناس‏.‏

وأما حديث مالك فرواه الليث بن سعد عن يحيى بن أيوب عن مالك بن أنس عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أمه أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس بالكذاب الذي يمشي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقوله وقد احتج بن عيينة في إباحة الكذب فيما ليس فيه مضرة على أحد إذا قصد به الخير ونواه لقول الله تعالى حاكيا عن إبراهيم عليه السلام ‏(‏بل فعله كبيرهم هذا‏)‏ ‏[‏الأنبياء 63‏]‏‏.‏

وبفعل يوسف إذ جعل الصاع في رحل أخيه ثم نادى مناديه ‏(‏أيتها العير إنكم لسرقون‏)‏ ‏[‏يوسف 70‏]‏‏.‏

وقد أتينا من الأحاديث عن السلف في هذا الباب بما فيه شفاء وسكون للنفس في الاقتداء في التمهيد والحمد لله‏.‏

1861- مالك أنه بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة وأياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار ألا ترى أنه يقال صدق وبر وكذب وفجر قال أبو عمر هذا المعنى يروى عن بن مسعود مسندا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع‏.‏

وأخبرنا عبد الله بن محمد حدثنا أبو داود قال‏.‏

وحدثنا مسدد قال حدثني عبد الله بن داود قالا حدثنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب فيتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا وعليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن إذا حدث صدق وإذا وعد نجز وإذا اؤتمن وفي والمنافق إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان ومن حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يعرف المؤمن بوقاره ولين كلامه وصدق حديثه قال الشاعر‏:‏

ما أقبح الكذب المذموم قائله *** وأحسن الصدق عند الله والناس

وقد أفردنا في كتاب بهجة المجالس بابا في مدح الصدق والأمانة وذم الكذب والخيانة أتينا فيه من النظم ما فيه كفاية والحمد لله حدثنا عبد الوارث قال حدثنا قاسم قال حدثنا بكر قال حدثني عبد الله بن محمد قال حدثنا أبو داود قال حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن بهز بن حكيم قال أخبرني أبي عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويل للذي يحدث الناس فيكذب ليضحك به القول ويل له ثم ويل له‏.‏

1862- مالك أنه بلغه أنه قيل للقمان ما بلغ بك ما نرى يريدون الفضل فقال لقمان صدق الحديث وأداء الأمانة وترك ما لا يعنيني قال أبو عمر ثلاث وأي ثلاث ما أجمعها للخير قال الله تعالى ‏(‏يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصدقين‏)‏ ‏[‏التوبة 119‏]‏‏.‏

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا دين لمن لا أمانة له وأول ما يرفع من هذه الأمة الأمانة وقال من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه وقال بشر بن بكر رأيت الأوزاعي مع جماعة من العلماء في المنام في الجنة فقلت وأين مالك بن أنس فقيل رفع قلت بماذا قال بصدقه قال منصور الفقيه‏:‏

الصدق أولى ما به *** دان امرؤ فاجعله دينا

ودع النفاق فما رأي *** ت منافقا إلا مهينا

1863- مالك بلغه أن عبد الله بن مسعود كان يقول لا يزال العبد يكذب وتنكت في قلبه نكتة سوداء حتى يسود قلبه كله فيكتب عند الله من الكاذبين يحيى‏.‏

1864- مالك عن صفوان بن سليم أنه قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيكون المؤمن جبانا فقال نعم فقيل له أيكون المؤمن بخيلا فقال نعم فقيل له أيكون المؤمن كذابا فقال لا قال أبو عمر لا أحفظ هذا الحديث مسندا من وجه ثابت وهو حديث حسن مرسل ومعناه أن المؤمن لا يكون كذابا والكذاب في لسان العرب من غلب عليه الكذب ومن شأنه الكذب في ما أبيح له وفي ما لم يبح وهو أكثر من الكاذب لأن الكاذب يكون لمرة واحدة والكذاب لا يكون إلا للمبالغة والتكرار وليست هذه صفة المؤمن‏.‏

وأما قوله إن المؤمن قد يكون بخيلا وقد يكون جبانا فهذا معلوم بالمشاهدة معروف بالأخبار والمعاينة ولكن ليس البخل ولا الجبن من صفات الأنبياء ولا الجلة من الفضلاء لأن الكرم والسخاء من رفيع الخصال وكذلك النجدة والشجاعة وقوة النفس على المدافعة إذا كان ذلك في الحق ألا ترى إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين ثم لا تجدوني بخيلا ولا جبانا وقد ذكرت في التمهيد بإسناده عن الثوري عن منصور عن إبراهيم أنه ذكر عنده البخل فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق قال إبراهيم وسمعت علقمة والأسود يقولان قال عبد الله وأي داء أدوى من البخل قال أبو عمر قد روي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان أبو حنيفة لا يجيز شهادة البخيل فقيل له في ذلك فقال إنه يحمله النقص على أن يأخذ فوق حقه قال وقد قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه ما استقصى كريم قط‏.‏

وأما الكذب والتشدد فيه موجود في الآثار المرفوعة عن السلف أيضا مثل ذلك وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد شهادة رجل في كذبة كذبها لا ندري على الله كذب أو في غير ذلك وقد حدثنا خلف بن أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان قال حدثنا يونس بن وهب قال أخبرني محمد بن مسلم عن أيوب عن بن سيرين عن عائشة قالت ما كان شيء أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب وما أطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أحد بشيء من الكذب وإن قل فتخرج له من نفسه حتى يحدث توبة وفي التمهيد في هذا المعنى زيادات‏.‏

باب ما جاء في إضاعة المال وذي الوجهين

1865- مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا وأن تناصحوا من ولاة الله أمركم ويسخط لكم قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال هكذا روى يحيى هذا الحديث مرسلا وتابعه القعنبي وبن وهب وبن القاسم ومعن بن موسى ومحمد بن المبارك الصوري ورواه بن بكير وأبو المصعب ومصعب الزبيري وعبد الله بن يوسف التنيسي وبن عفير وأكثر الرواة عن مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مسندا وكذلك رواه جماعة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مسندا وعند مالك فيه إسناد آخر عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وهو غريب قد ذكرته في التمهيد من طرق عنه قال أبو عمر في هذا الحديث الأمر بالإخلاص في العبادة والتوحيد والحض على الاعتصام بحبل الله وقد اختلف في معنى حبل فقيل القرآن وقيل الجماعة والخلافة والمعنى في ذلك متداخل لأن كتاب الله يأمرنا بالائتلاف وينهى عن الفرقة والاختلاف وقد ذكرنا في التمهيد من قال من العلماء بالقولين جميعا وقد روي عن بن مسعود القولان جميعا روى منصور عن أبي وائل عن بن مسعود في قوله ‏(‏واعتصموا بحبل الله جميعا‏)‏ آل عمران 103 قال حبل الله هو الصراط المستقيم كتاب الله وروى أبو حصين عن الشعبي عن ثابت بن قطبة قال قال عبد الله بن مسعود في خطبته أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنها حبل الله الذي أمر وأن تكرهون في الجماعة خير مما يحبون في الفرقة قال أبو عمر هذا التأويل أظهر في معنى حديث هذا الباب والله أعلم قال بن المبارك - رحمه الله‏:‏

إن الجماعة حبل الله فاعتصموا *** منه بعروته الوثقى لمن دانا

لولا الخلافة لم تؤمن لنا سبل *** وكان أضعفنا نهبا لأقوانا

في أبيات قد ذكرتها في التمهيد وفي حديث زيد بن ثابت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تحيط من ورائهم وقد روى هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم جبير بن مطعم وعبد الله بن مسعود وأنس بن مالك كما رواه زيد بن ثابت وقد ذكرنا أحاديثهم من طرق في كتاب بيان العلم وفضله وفي كتاب التمهيد أيضا في معنى قوله ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم أي لا يكون القلب المعتقد لهن غليلا وفي هذا الباب حديث عجيب بمعنى حديث سهيل رواه الحارث الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكرته بطوله في التمهيد وروى بن عباس وأبو ذر وأبو هريرة بمعنى واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من خرج عن الطاعة وفارق الجماعة فمات على ذلك فميتته جاهلية ومن حديث بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من نزع يدا من طاعة ومات ولا طاعة عليه كانت ميتته ضلالة ولا حجة له ومن حديث النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الجماعة رحمة والفرقة عذاب والآثار في هذا المعنى كثيرة جدا وقد ذكرت كثيرا منها في التمهيد وتكلمت بما أحضرني في معانيها‏.‏

وأما مناصحة ولاة الأمر فلم يختلف العلماء في وجوبها إذا كان السلطان يسمعها ويقبلها ولما رأى العلماء أنهم لا يقبلون نصيحا ولا يريدون من جلسائهم إلا ما وافق هواهم زاد البعد عنهم والفرار منهم قال حذيفة بن اليمان إذا كان والي القوم خيرا منهم لم يزالوا في عليا وإذا كان وإليهم شرا منهم لم يزدادوا إلا سفالا حدثنا بن خليفة قال حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الحميد قال حدثنا أبو هشام الرفاعي قال حدثنا يحيى بن يمان قال حدثنا سفيان عن قيس بن وهب عن أنس بن مالك قال كان الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهوننا عن سب الأمراء وبه عن يحيى بن يمان عن إسرائيل عن أبي إسحاق قال ما سب قوم أميرهم إلا حرموا خيرهم وقد أشبعنا معنى الطاعة والنصيحة للولاة وكيف العمل في ذلك عند العلماء وما يجب للإمام على الرعية من ذلك ويجب عليه ويلزمه لهم بالآثار المرفوعة وأقاويل السلف في التمهيد والحمد لله‏.‏

وأما قوله ويكره لكم قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال فالمعنى في قيل وقال والله أعلم - الخوض في أحاديث الناس التي لا فائدة فيها وإنما جلها الغلط وحشو وغيبة وما لا يكتب فيه حسنة ولا سلم القائل والمستمع فيه من سيئة قال الشاعر‏:‏

ومن لا يملك الشفتين يسحق *** بسوء اللفظ من قيل وقال

وقال أبو العتاهية‏:‏

عليك ما يعنيك من كل ما ترى *** وبالصمت إلا عن جميل تقوله

تزود من الدنيا بزاد من التقي *** فكل بها ضيف وشيك رحيله

وأما قوله وإضاعة المال فللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال أحدهما أن المال أريد به ملك اليمين من العبيد والإماء والدواب وسائر الحيوان الذي في ملكه أن يحسن إليه ولا يضيعهم فيضيعون وهو قول السري بن إسماعيل عن الشعبي واحتج من ذهب هذا المذهب بحديث أنس وأم سلمة أن عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضرته الوفاة كانت قوله الله الله الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم والقول الثاني إضاعة المال ترك إصلاحه والنظر فيه وتنميته وكسبه واحتج من قال بهذا القول - فيس بن عاصم المنقري لبنيه حين حضرته الوفاة يا بني عليكم بكسب المال واصطناعه فإن فيه منبهة للكريم ويستغنى به عن اللئيم ويقول عمرو بن العاصي في خطبته حيث قال يا معشر الناس إياكم وخلالا أربعة تدعو إلى النصب بعد الراحة وإلى الضيق بعد السعة وإلى المذلة بعد العز إياكم وكثرة العيال وإخفاض الحال والتضييع للمال والقيل والقال في غير درك ولا نوال والقول الثالث إضاعة المال إنفاقه في غير حقه من الباطل والإسراف والمعاصي وهذا هو الصواب عند ذوي الدين والألباب روى بن وهب قال حدثنا إبراهيم بن نشيط قال سألت عمر مولى عفرة عن الإسراف ما هو فقال كل شيء أنفقته في غير طاعة الله وفي غير ما أباحه الله فهو إسراف وإضاعة للمال وروى أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا يعلى بن عبيد عن محمد بن سوقة عن سعيد بن جبير أنه سأله رجل عن إضاعة المال فقال أن يرزقك الله رزقا فتنفقه في ما حرم الله عليك وهكذا قال مالك - رحمه الله - وأما قوله وكثرة السؤال ففيه قولان أحدهما كثرة السؤال عن المسائل النوازل المعضلات في معاني الديانات والآخر كثرة السؤال في الاستكثار من المال والكسب بالسؤال‏.‏

وأما الوجه الأول فقد أوضحناه بالآثار في كتاب العلم وسيأتي معنى السؤال للمال في موضعه من هذا الكتاب بعد إن شاء الله تعالى وقد روى بن وهب وبن القاسم وأشهب بمعنى واحد عن مالك أنه قال أما نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كثرة السؤال فلا أدري أهو الذي أنهاكم عنه من كثرة المسائل فقد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرة المسائل وعابها أم هو مسألتك الناس قال أبو عمر كان أبي بن كعب وزيد بن ثابت وجماعة من السلف يكرهون السؤال في العلم عن ما لم ينزل ويقولون إن النازلة إذا نزلت المسؤول عنها وكانوا يجعلون الكلام في ما لم ينزل تكلفا ويتلو بعضهم ‏(‏قل مآ أسئلكم عليه من أجر ومآ أنا من المتكلفين‏)‏ ‏[‏ص 86‏]‏‏.‏

حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا أحمد بن زهير قال حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال سمعت مالك بن أنس يقول أدركت أهل هذا البلد وما عندهم علم غير الكتاب والسنة فإذا نزلت نازلة جمع لها الأمير من حضر من العلماء فما اتفقوا عليه من شيء أنفذه وأنتم تكثرون من المسائل وقد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابها قال أبو عمر من نزل النوازل من الفقهاء وأجاب فيها كأبي حنيفة وربيعة وعثمان البتي ومن جرى مجراهم ممن استعمل الرأي قالوا رأينا لمن بعدنا خير من رأيهم لأنفسهم وقد روي هذا عن الحسن - رحمه الله‏.‏

وأما صعاب المسائل وما عسى ألا ينزل فهو باب إلى النظر وإلى التكسب وإلى التحفظ من الخصم ومخادعته فهذا مكروه عند جميعهم حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا أبو داود قال حدثنا إبراهيم بن موسى قال حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن وضاح قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قالا حدثنا عيسى بن يونس عن الأوزاعي عن عبد الله بن سعد عن الصنابحي عن معاوية بن أبي سفيان قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأغلوطات قال الأوزاعي يعني صعاب المسائل‏.‏

وحدثنا أحمد بن مطرف قال حدثني سعيد بن عثمان قال حدثني نصر بن مرزوق قال حدثني أسيد بن موسى قال حدثني شريك عن ليث عن طاوس عن بن عمر قال لا تسألوا عما لم يكن فإني سمعت عمر يلعن من سأل عما لم يكن قال أبو عمر هذا باب قد أوضحناه وبسطناه بالآثار عن السلف في كتاب بيان العلم وفضله بما فيه شفاء للناظر فيه والحمد لله‏.‏

وأما قوله الثاني فكأنه أقرب إلى معنى إضاعة المال وهو سؤال الناس أموالهم والتكسب بالمسألة فهذا مكروه عند جماعة العلماء وسنبين ذلك في ما بعد إن شاء الله ومما يدل على أن السؤال في المال أقرب وأشبه لمعنى الحديث ما رواه المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عبد الله بن محمد بن يحيى قال حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال حدثنا أبي قال حدثنا هشيم قال أخبرنا غير واحد منهم منهم مغيرة عن الشعبي عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة أن معاوية كتب إلى المغيرة اكتب لي بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه المغيرة إنني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند انصرافه من الصلاة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ثلاث مرات وكان ينهى عن قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ومنع وهات وعقوق الأمهات ووأد البنات‏.‏

1866- مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه قال أبو عمر هذا الحديث ليس للقول فيه مدخل لأن معناه لا يشكل على سامعه وقد روى الوليد بن رباح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي لذي الوجهين أن يكون عبدا لله أمينا ومن حديث الحسن وقتادة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان ذا لسانين في الدنيا جعل الله له لسانين من نار يوم القيامة وقد ذكرنا أسانيدهما في التمهيد ومن هذا المعنى قول الشاعر ‏(‏إن شر الناس من يشكرني‏.‏‏.‏‏.‏ حين يلقاني وإن غبت شتم‏.‏

باب ما جاء في عذاب العامة بعمل الخاصة

1867- مالك أنه بلغه أن أم سلمة زوج الرسول صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله ‏!‏ أنهلك وفينا الصالحون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إذا كثر الخبث قال أبو عمر هذا الحديث لا يعرف لأم سلمة بهذا اللفظ وإنما يحفظ هذا اللفظ لزينب بنت جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم على ما نذكره هنا إن شاء الله وقد سئل بن وهب عن قوله في هذا الحديث إذا كثر الخبث فقال أولاد الزنى‏.‏

وأما حديث أم سلمة فيقرب من هذا الحديث بغير لفظه فمن ذلك ما رواه منذر الثوري عن الحسن بن محمد قال حدثتني امرأة من الأنصار قالت دخلت على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فبينا أنا عندها إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم بكلام لم أفهمه فسألت أم سلمة بعد خروجه فقالت إن الفساد إذا فشا في الأرض ولم يتناه عنه أرسل الله بأسه على أهل الأرض قالت قلت يا رسول الله وفيهم الصالحون ‏!‏ قال نعم وفيهم الصالحون يصيبهم ما أصابهم ويقبضهم الله إلى رحمته ورضوانه ومغفرته ومن ذلك ما رواه أبو يونس حاتم بن أبي صغيرة قال حدثني مهاجر بن القبطية أنه سمع أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخسفن بجيش يغزون هذا البيت بعيدا من الأرض فقال رجل وإن كان فيهم الكاره يا رسول الله قال نعم ويبعث كل رجل منهم على نيته وروى علقمة بن مرثد عن المعرور بن سويد عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده فقلت يا رسول الله أما فيهم يومئذ أناس صالحون قال بلى قلت فكيف بأولئك قال يصيبهما ما أصابهم ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان فهذا ما وجدته لأم سلمة في هذا الباب وقد ذكرت الأسانيد بذلك في التمهيد‏.‏

وأما حديث زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم فرواه بن شهاب عن عروة بن الزبير أنه حدثه أن زينب بنت أبي سلمة حدثته عن أم حبيبة بنت أبي سفيان عن زينب بنت جحش قالت استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نوم محمرا وجهه وهو يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح الله من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق بيده وعقد عشرا قالت فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث هكذا رواه عقيل وصالح بن كيسان وشعيب بن أبي حمزة وسليمان بن كثير وعبد الرحمن بن إسحاق ومحمد بن الوليد الزبيدي كلهم عن الزهري عن عروة عن زينب بنت أم سلمة عن أم حبيبة عن زينب بنت جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه بن عيينة عن الزهري فزاد في إسناده امرأة رابعة قال في إسناده عن الزهري عن عروة عن زينب بنت أم سلمة عن حبيبة بنت أم حبيبة عن زينب بنت جحش وقال محمد بن يحيى المحفوظ عندنا ما قال عقيل ومن تابعه وأخطأ بن عيينة في زيادته فيه المرأة الرابعة قال أبو عمر قد اختلف في هذا الإسناد عن بن عيينة وقد ذكرنا الأسانيد كلها بذلك في التمهيد وقد روى أنس وغيره في هذا الباب نحو رواية زينب وأم سلمة حدثنا خلف بن قاسم قال حدثنا عبد الله بن محمد الحضيبي القاضي قال حدثنا محمد بن نصر بن منصور أبو جعفر الصائغ قال حدثني محمد بن إسحاق المسيبي قال حدثنا أبو ضمرة أنس بن عياض عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن أنس بن مالك قال ذكر خسف قبل المشرق فقالوا يا رسول الله إنه يخسف بأرض فيها مسلمون قال نعم إذا أكثر أهلها الخبث وروى بن المبارك عن يونس عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أصاب الله قوما ببلاء عم به من بين أظهرهم ثم يبعثون على أعمالهم وروى الشعبي عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمعه يقول على المنبر مثل المنتهك لحدود الله والمدهن فيها والقائم بها مثل ثلاثة نفر اصطحبوا في سفينة فجعل أحدهم يحفرها فقال الآخر إنما تريد أن تغرقنا وقال الآخر دعه فإنما يحفر في نصيبه وموضعه وذكر الحديث أخبرنا خلف بن أحمد قال حدثنا أحمد بن مطرف قال حدثنا سعيد بن عثمان الأعناقي حدثنا نصر بن مرزوق قال حدثنا أسد بن موسى قال حدثنا قذعة بن سويد قال حدثنا سيف بن سليمان عن عدي بن عدي عن أبيه عن مولاه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله لا يعذب العامة بذنوب الخاصة حتى تكون العامة تستطيع أن تغير على الخاصة فإذا لم تغير العامة على الخاصة عذب الله العامة والخاصة قال أسد‏.‏

وحدثنا الفرج بن فضالة عن لقمان بن عامر عن أبي الدرداء قال لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم سلطانا صعبا فلا يجل كبيركم ولا يرحم صغيركم ثم يدعو عليهم خياركم فلا يستجاب لهم وقد ذكرت في التمهيد كثيرا من الآثار المرفوعة وغير المرفوعة في هذا المعنى مما يقتضي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن الإنكار بالقلب يكفي إذا لم يقدر على غير ذلك‏.‏

1868- مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول كان يقال إن الله تبارك وتعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحقوا العقوبة كلهم قال أبو عمر هذا المعنى ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه والتابعين وهذا الحديث قد رواه يحيى بن سعيد الأنصاري عن رجل عن عمر بن عبد العزيز وممكن أن يكون الرجل إسماعيل بن أبي حكيم ذكره أسد بن موسى عن محمد بن مسلم الطائفي عن يحيى بن سعيد وروى وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن جرير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز وأمنع لا يغيرون إلا عمهم الله بعقابه ذكره بن أبي شيبة عن وكيع وذكره أسد بن موسى قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عبيد الله بن جرير عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل يكون في قوم يعمل فيهم بالمعاصي يقدرون أن يغيرون عليه فلا يغيرون إلا أصابهم الله بعذاب قبل أن يموتوا قال أبو عمر هذا واضح في أنه لا يلزم التغيير إلا من القوة والعزة والمنعة وأنه لا يستحق العقوبة إلا من هذه حاله‏.‏

وأما من ضعف عن ذلك فالفرض عليه التغيير بقلبه والإنكار والكراهة قال عبد الله بن مسعود بحسب المؤمن إذا رأى منكرا لا يستطيع له تغييرا أن الله يعلم من قلبه أنه له كاره وروى الحسن عن ضبة بن محصن عن أم سلمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون عليكم أمراء تعرفون وتنكرون فمن أنكر شيئا فقد بريء ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وتابع فأبعده الله قيل يا رسول الله أفلا نقتلهم قال لا ما صلوا وقد ذكرت أسانيد هذه الأحاديث وكثيرا منها مثلها في التمهيد قال أبو عمر يقولون من رضي بالفعل فكأنه فعله قال الحسن - رحمه الله - إنما عقر الناقة رجل واحد فعمهم الله بالعقوبة لأنهم عموا فعله بالرضى ومن أحسن ما روي في ذلك حديث بن عميرة الكندي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن القوم ليصنعون المنكر فيكون من حضرهم لمن غاب عنهم يعني إذا أنكر ولم يرض ويكون من غاب عنهم كمن حضرهم إذا رضي فعلهم هذا معنى الحديث دون لفظه كتبته من حفظي حدثنا أحمد بن الفضل قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثنا جعفر بن مكرم قال حدثنا قريش بن أنس عن بن عون عن الحسن عن الأحنف أنه كان جالسا عند معاوية فقال يا أبا بحر ألا نتكلم قال إني أخاف الله إن كذبت وأخافكم إن صدقت‏.‏

وحدثنا أحمد قال حدثنا محمد بن جرير قال حدثنا علي بن سهل وسهل بن موسى - واللفظ له - قالا حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي قال سمعت بلال بن سعيد يقول إن الخطيئة إذا أخفيت لن تضر إلا صاحبها وإذا ظهرت فلم تغير ضرت العامة‏.‏

باب ما جاء في التقى

1869- مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال سمعت عمر بن الخطاب وخرجت معه حتى دخل حائطا فسمعته وهو يقول وبيني وبينه جدار وهو في جوف الحائط عمر بن الخطاب أمير المؤمنين ‏!‏ بخ بخ والله لتتقين الله أو ليعذبنك قال أبو عمر قال الله تعالى ‏(‏خير الزاد التقوى ‏)‏ ‏[‏البقرة 197‏]‏‏.‏

يريد دار الآخرة والتقوى اسم جامع لطاعة الله والعمل بها في ما أمر به أو نهى عنه فإذا انتهى المؤمن عن ما نهاه الله وعمل بما أمره الله فقد أطاع الله واتقاه ‏(‏ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب‏)‏ ‏[‏الطلاق 2‏]‏‏.‏

3 ‏(‏يجعل له من أمره يسرا‏)‏ ‏[‏الطلاق 4‏]‏‏.‏

والتقى اسم أيضا لخشية الله و‏(‏إنما يخشى الله من عباده العلمؤا‏)‏ ‏[‏فاطر 28‏]‏‏.‏

فمن خشي الله واتقاه وانتهى عن ما نهاه وقام بما افترض عليه فهو العالم بشهادة الله له بذلك وحسبك‏.‏

وأما قوله بخ بخ أمير المؤمنين فهو توبيخ منه لنفسه وتوبيخ النفس وتقريعها عبادة كما أن الرضى عنها هلكة وقوله لتتقين الله أو ليعذبنك الله يعني إن شاء وهو مقيد بقول الله تعالى ‏(‏فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء‏)‏ البقرة 284‏.‏

1870- قال مالك وبلغني أن القاسم بن محمد كان يقول أدركت الناس وما يعجبون بالقول قال مالك يريد بذلك العمل إنما ينظر إلى عمله ولا ينظر إلى قوله قال أبو عمر روينا عن الحسن أنه قال إذا سمعت من الرجل كلاما حسنا فرويدا به فإن وافق قوله فعله فذلك وإلا فإنما يذري على نفسه وقال المأمون نحن إلى أن نوعظ بالأعمال أحوج منا إلى أن نوعظ بالأقوال قال أبو عمر يكفي من هذا كله قول الله تعالى ‏(‏يأيها الذين ءامنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون‏)‏ ‏[‏الصف 3‏]‏‏.‏

‏(‏11 - باب القول إذا سمعت الرعد‏)‏‏.‏

1871- مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ثم يقول إن هذا لوعيد لأهل الأرض شديد هكذا رواه يحيى لم يجاوز به عامرا ورواه غيره من رواة الموطأ فقالوا فيه مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال أبو عمر جمهور أهل العلم من أهل الفقه والحديث يقولون الرعد ملك يزجر السحاب وقد يجوز أن يكون زجره لها تسبيحا لقول الله تعالى ‏(‏ويسبح الرعد بحمده‏)‏ ‏[‏الرعد 13‏]‏‏.‏

والرعد لا يعلمه الناس إلا بذلك الصوت وجائز أن يكون ذلك تسبيحه قال الله تعالى ‏(‏وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم‏)‏ ‏[‏الإسراء 44‏]‏‏.‏

وقد قال أهل العلم بتأويل القرآن في قوله تعالى ‏(‏يجبال أوبى معه‏)‏ ‏[‏سبأ 10‏]‏‏.‏

أي سبحي معه وروى بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال أقبلت يهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أخبرنا عن الرعد ما هو قال ملك من الملائكة موكل بالسحاب معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب حيث شاء قالوا فما هذا الصوت الذي يسمع قال زجره السحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمر قالوا صدقت وروي عن علي - رضي الله عنه - قال الرعد ملك والبرق مخارق من حديد وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي أن كعبا أرسل إليه يسأله عن الرعد فقال هو ملك يزجر السحاب كما يزجر الحادي - أو قال الراعي الخبيث - الإبل إذا شذت سحابة ضمها أو يفضي إلى الأرض صعق من يبصره وعن الضحاك عن بن عباس قال الرعد ملك من الملائكة يزجر السحاب اسمه الرعد وهو الذي تسمعون صوته وعن عكرمة قال الرعد ملك يزجر السحاب يزجرها الله به كالحادي بالإبل وعن مجاهد قال الرعد ملك يزجر السحاب وعن السدي عن أصحابه قالوا الرعد ملك يقال له الرعد يأمره الله بما يريد أن يمطر وذكر عبد الرزاق عن معمر قال سألت الزهري عن الرعد فقال الله أعلم قال عبد الرزاق‏.‏

وحدثني أبي أن وهب بن منبه سئل عن الرعد فقال الله أعلم أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن قال حدثنا محمد بن يحيى بن عمرو بن حرب عن سفيان بن عيينة قال قلت لعبد الله بن طاوس ما كان أبوك يقول إذا سمع الرعد قال كان يقول سبحان من سبحت له سبحانه ورواه زمعة بن صالح عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس أنه كان إذا سمع الرعد يقول سبحان من سبحت له وروى بن علية عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس مثله قال أبو عمر فهذا ما لسلف المسلمين من الصحابة والتابعين في الرعد وقد جاء فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما حدثنا به أبو محمد عبد الله بن محمد بن أسد حدثنا حمزة بن محمد قال حدثنا أحمد بن شعيب قال أخبرنا محمد بن علي بن حرب قال حدثنا سنان بن حاتم قال حدثنا عبد الواحد بن زياد عن أبي مطرف عن سالم عن بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والبرق قال اللهم لا تقتلنا غضبا ولا تقتلنا نقمة وعافنا قبل ذلك قال أحمد بن شعيب‏.‏

وحدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا عبد الواحد بن زياد عن الحجاج عن أبي مطرف انه سمع سالم بن عبد الله بن عمر يحدث عن أبيه قال كان رسول الله إذا سمع الرعد والصواعق قال اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك‏.‏

باب ما جاء في تركة النبي صلى الله عليه وسلم

1872- مالك عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر الصديق فيسألنه ميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لهن عائشة أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركنا فهو صدقة هكذا روي هذا الحديث عن مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة كلاهما جعل الحديث لعائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وتابعه يونس عن بن شهاب عن عروة عن عائشة كلاهما جعل الحديث لعائشة عن النبي عليه السلام ورواه معمر وعقيل وعبيد الله بن عمر وأسامة بن زيد عن بن شهاب عن عروة عن عائشة عن أبي بكر الصديق عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصواب عندهم وقد رواه إسحاق بن محمد الفروي عن مالك كذلك وليس هذا الحديث عند بن عيينة إلا عن معمر عن الزهري وقد ذكرنا الأسانيد بذلك عن هؤلاء كلهم في التمهيد واختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم إنا لا نورث ما تركناه فهو صدقة فقال قوم من أهل البصرة منهم بن علية هذا مما خص به نبينا صلى الله عليه وسلم زيادة في فضله كما خص بما خص به من نكاح فوق الأربع بالموهوبة من غير صداق إلى أشياء خصه الله بها زيادة في فضائله صلى الله عليه وسلم وقال آخرون بل ذلك للأنبياء كلهم لا يورثون وما تركوا فهو صدقة واحتجوا بما ذكره أبو الحسن الدارقطني قال حدثنا أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب قال حدثنا محمد بن إسحاق الصاغاني قال حدثنا عبد الله بن أبي أمية النحاس قال قرئ على مالك بن أنس عن بن شهاب عن مالك بن أوس بن الحدثان قال سمعت عمر بن الخطاب يقول حدثنا أبو بكر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنا معشر الأنبياء ما تركنا فهو صدقة وبما حدثنا سعيد بن نصر قال حدثنا قاسم بن أصبغ قال حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركنا فهو صدقة بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي‏.‏

1873- وهذا الحديث رواه مالك في الموطأ عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يقتسم ورثتي دنانير ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة هكذا قال يحيى دنانير وغيره من رواة الموطأ يقولون لا يقتسم ورثتي دينارا وهذا الحديث ذكره مالك في هذا الباب بعد حديثه عن بن شهاب المذكور قال أبو عمر فعلى هذين القولين جماعة علماء السلف إلا الروافض وهم لا يعدون خلافا لشذوذهم فيما ذهبوا إليه في هذا الباب عن سبيل المؤمنين ولا حجة لهم في قول الله تعالى ‏(‏وورث سليمن داود‏)‏ ‏[‏النمل 16‏]‏‏.‏

وقوله يرثني ويرث من آل يعقوب لأن سليمان إنما ورث من داود النبوة والعلم والحكمة كذلك قال جماعة العلماء بتأويل القرآن وكذلك قالوا في قوله تعالى ‏(‏يرثنى ويرث من ءال يعقوب‏)‏ إلا الحسن فإنه قال يرثني ويرث من آل يعقوب النبوة والحكمة وكيف يسوغ لمسلم أن يظن أن أبا بكر - رضي الله عنه - منع فاطمة ميراثها من أبيها صلى الله عليه وسلم ومعلوم عند جماعة العلماء أن أبا بكر - رضي الله عنه - كان يعطي الأحمر والأسود ويسوي بين الناس في العطاء ولم يستأثر لنفسه بشيء ويستحيل في العقل أن يمنع فاطمة ويرده على سائر المسلمين وقد أمر بنيه أن يردوا ما زاد في ماله منذ ولي أمر المسلمين إلى بيت المال وقال إنما كان لنا من أموالهم ما لبسنا على ظهورنا وما أكلنا من طعامهم وروى أبو ضمرة أنس بن عياض عن عبيد الله بن عمر عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن أبا بكر لما حضرته الوفاة قال لعائشة ليس عند آل أبي بكر شيء غير هذه اللقحة والغلام الصغير كان يعمل سيوف المسلمين ويخدمنا فإذا مت فادفعيه إلى عمر فلما مات دفعته إلى عمر فقال عمر رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده قال أبو عمر لم ير أبو بكر مما يخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني النضير وفدك وسهمه بخيبر وغير ذلك مما أفاء الله عليه إلا أن يليه بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه فينفق منه على عيال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأخذ منه لهم كل عام قوت العام ويجعل ما فضل في الكراع والسلاح كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل وفي هذه الولاية تخاصم إليه علي والعباس ليليها كل واحد منهما بما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يليها به وروى حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن أبي بكر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا نورث ولكني أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعول وأنفق على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق قال أبو عمر الأحاديث في هذا الباب كثيرة في تركة النبي صلى الله عليه وسلم وفي ما تخاصم فيه العباس وعلي وفي ظواهرهما اختلاف وتدافع وقد ذكرتها على ما وصل إلي منها في التمهيد والذي ذكرت في هذا الكتاب كاف مقنع والله الموفق للصواب‏.‏

كتاب جهنم

باب ما جاء في صفة جهنم

1874- مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزأ من نار جهنم فقالوا يا رسول الله إن كانت لكافية قال إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزأ‏.‏

1875- مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال أترونها حمراء كناركم هذه لهي أسود من القار والقار الزفت قال أبو عمر حديث مالك عن عمه موقوف على أبي هريرة ومعناه مرفوع لأنه لا يدرك مثله بالرأي ولا يكون إلا توقيفا وفيه قوله أسود من القار وهي لغة مهجورة واللغة الفصيحة أشد سوادا من القار وأشد بياضا وليس في هذا الباب مدخل للقول والنظر وإنما فيه التسليم والوقوف عند التوقيف وبالله التوفيق وقد جاء عن بن مسعود وبن عباس وأنس في صفة جهنم ما يعلم أنه لم يقولوا ذلك إلا بما علموه وما وقفوا عليه روى الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود قال إن ناركم هذه ليست مثل نار جهنم لا ينتفع بها أحد أو أنها لما نزلت ضرب بها البحر ضربتين ولولا ذلك لم ينتفع أحد بها وقد ذكرنا إسناده في التمهيد وقد روى إسرائيل عن عمار الذهني عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال إن ناركم هذه جزء من سبعين من النار قد ضرب بها البحر حين أنزلت سبع مرار ولولا ذلك ما انتفع بها وذكر أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا يعلى بن عبيد وعبد الله بن نمير قالا حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن نفيع بن الحارث عن أنس بن مالك قال إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ولولا أنها أطفئت بالماء مرتين ما انتفعتم بها وإنها لتدعو الله ألا يعيدها بتلك النار أبدا قال‏.‏

وحدثنا زيد بن الحباب عن محمد بن مسلم عن ميسرة عن سعيد بن المسيب أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - سأل رجلا من اليهود لم ير في اليهود مثله عن النار الكبرى فقال البحر يبعث الله الريح الدبور على البحور فتعود نارا فهي النار الكبرى قال أبو عمر محمد بن مسلم الطائفي وميسرة بن عمار الأشجعي ثقتان لا بأس بهما جميعا‏.‏